دائما ما اعتقدت أن القراءة هي نافذة ومستراح للنفس، وإنها غذاء للروح، ومهمتها بجوار التسلية والترفيه هى الإرتقاء والسمو؛ أما بعد..
جاءت قراءتي لهذا العمل الأدبى بعد أن سمعت وشاهدت كاتبه يتحدث ببعض من الحماس عنها فى إحدى تسجيلاته، وكذلك نوعا من أنواع الفضول لكي أتحقق من الكاتب فى الحقيقة، والكاتب على الورق..
رواية ((أم ميمى)) للكاتب بلال فضل
جاءت الرواية في عدد 184 ورقة من القطاع المتوسط أو هذا ما اعتقده لأنى قرأت نسختها الالكترونية.
استغرق زمن قراءتها 72 ساعة متقطعة.
جاءت فى عدد من الحكايات المتصلة أحيانا والمنفصلة أحيانا آخر؛ ولكن الرابط المشترك الذي اتسمت به هو طابع السيرة الذاتية واليوميات التي كتبت وتناولت حياته خلال العام الدراسى الجامعى الأول له
وبعيدا عن تقسيمة الكاتب للأحداث فيمكن تقسيمها حسب التالي:
الثلث الأول: الخروج من عباءة العائلة، رحلة البحث عن سكن، شقة الشباب الصالح، الوصول ل(أم ميمى).
الثلث الثانى: التعرف على السكنى مع (أم ميمى)، مميزات وعيوب السكن معها، التعرف على (ميمى) واكتشاف ان اسمه الحقيقى (عزت)، تطور وتصاعد الأحداث مع (أم ميمى)، مرض (أم ميمى)، المستشفى القبطى، وفاة (أم ميمى).
الثلث الثالث: ظهور (شعراوى الزناوى) بنفسه، دفنة (أم ميمي)، الصراع على الشقة، الإنخراط مغلوبا على أمره في الصراع، التعرف على (شعراوي الزناوى) على حقيقته او كما تصور، الإقتراب من رحاب، خيوط المؤامرة، نهاية كل شىء.
الشخصيات:-
الراوي أو الكاتب: جاءت شخصيته شخصية تتفاعل مع الأحداث وليست مثالية العالم ينقسم لديها بين الأبيض والأسود فقط؛ بل كان هناك الكثير من المناطق الرمادية التي أسبغت سرده بواقعية شديدة سلسة.
الأم والأب: شخصيتان تقليديتان، وإن كان اللجوء للتلميح لشخصية الأب والخروج عن عباءته بين الحين والآخر تفسيرا لكثير من التصرفات.
الشباب الصالح: شخصيات كرتونية هزلية كان تناولها مدعاة للضحك والقهقهة.
(أم ميمى): شخصية غريبة الأطوار متعددة الوجوه، وان كانت أبعادها وجوانبها الانسانية السلبية والإيجابية قد ظهرت بتصوير أقرب ما يكون ل حادة الطباع، نابية الألفاظ، تستخدم كل شيء لصالحها إلا جسدها، جاء مشهد موتها صادما تغيرت عبره مجريات الأمور رأسا على عقب.
(ميمى) أو (عزت): لا يمكن وضعه في قالب محدد في السكر والعربدة والصوت العالى وهمجية وبذاءة الأسلوب كانوا قناع لإخفاء جبنه وضعفه.
(صبحى) زوج فاتن: بلطجي تائب توبة مشكوك فى أمرها.
(فاتن): ابنة (أم ميمى) نموذج تقليدى لمن تدارى ذكائها خلف قناع من البلاهة المصطنعة او هذا ما قد يشتبه على القارئ.
(شعراوى الزناوى): شخصية محورية بكل تفاصيلها تتخذ الانتهازية شفيع لها فى كل تحركاتها؛ ولكنها تلحق بالكثير من خيبات الأمل؛ صدر بعد آخر لحكايته مع (أم ميمى) وغير الكثير من رؤية الراوى لشخصية (أم ميمي)، تتطور شخصيته مع الأحداث في اتساق يتناسب مع طموحه في الحصول على مكتسبات جديدة.
(رحاب): لا يمكن الحكم عليها كفاية فشخصيتها لم تأخذ الحيز الكافى من الأحداث ولم يلق الضوء عليها الا انها كانت كثيرا ما مثلت مصدر للإثارة الجنسية للراوى، وكذلك حلم مساعدتها في الوصول لبر التوبة الأمن.
(أمجد، وناجى):زملاء الدراسة وتأثيرهم
اللغة:
جاءت اللغة الأديبة فى الرواية مصاحبة للشارع و البيئة التى عايشتها، فقد كانت الشخصيات أغلبها يسب ويقذف بأفظع الالفاظ النابية وأكثرها بذاءة؛ والعزاء الوحيد فى هذا يمكن أن يكون حديث الكاتب نفسه فى أحد اللقاءات أن عدد من الكتاب قد سبق فى هذا وأن الكتاب المصريين تأخروا فى هذا الشيء؛ إضافة لما سبق فهناك سبب آخر إن كتب التراث ك(ألف ليلة وليلة) بها من الألفاظ النابية والجنسية ما هو مثل ذلك واكثر.
وبعيدا عن ما سبق رغم عدم اتفاقي معه فإن الأساليب التي استخدمها الكاتب فى الرواية أساليب يغلب عليها الطابع الحواري المتجدد الجزل الذي يجعل القارئ يعايش الأحداث والصراعات وكأنه أحد أبطال الرواية نفسها.
وجدير بالذكر أن هناك تأثر واضح وليس بقليل من الكاتب فى استخدام مصطلحات و مرادفات قرآنية بحتة، وقد رصدت بعض أمثلتها مثل " ونحن عنها غافلون" ص٩١، "ليعيدها سيرتها الأولى" ص ١٢١، "غيابة السجن" ص ١٦١ وهذا وإن دل على شيء فيدل على تأثر الكاتب بقراءته للقرآن الكريم؛ وكذلك هناك تأثر بالفلسفة كذكره للمذهب الديكارتى.
أما عن أفضل الشخصيات من حيث التناول والغموض والتى أخذت حيزا من الرواية يكاد يكون الثلثين منها، فهى بلا منازع شخصية ( شعراوي الزناوى)
شخصية جاء تقديمها يحوطه الغموض والإثارة، وحتى عند ظهورها على مسرح الأحداث كانت ردود أفعالها دائما معاكسة لتوقعات الراوى نفسه، بل وإن جاز التعبير في شخصية من تلك الشخصيات الماكرة التى لها فى فنون التخطيط والمكايدة الكثير والكثير.
نهاية القول الرواية هي أول عمل اقرأه للمؤلف، وهو شخص ذو باع طويل فى عالم الصحافة وكتابة السيناريو ومن أشهر أعماله (حرامية فى كى جى ٢، واحد من الناس، أبوعلى ، الباشا تلميذ، أهل كايرو)؛ أما عن المفضل لدى فهو برنامجه (الموهوبون في الأرض) وقد كان هذا البرنامج هو المحرك الاساسى للربط بين تلك اليوميات وبين بعض مما قيل فى البرنامج على لسانه فيما يسمى ب(أيام الكحرتة).
يمكن تقييم العمل ب ٨.٤ / ١٠
جاء التقييم بناء على التالى:
تماسك العمل دراميا، تطابق الشخصيات مع أساليبها، تطابق الشخصيات مع البيئة والخلفية الثقافية، واقعية الأحداث، تفاعل الراوى مع الأحداث، تصاعد الأحداث، تنوع الأساليب، والرأي الشخصي.
ولا ارشحها أبدا لمن هم دون ال٢١
#Zeinsdairy