عندما تغرب الشمس
بقلم:محمد أحمد زين الدين
عندما تغرب الشمس .
عندما يكف الأصحاب عن تقديم عزائهم لك.
عندما تستطيل الظلال قبل أن تفني.
عندها يبدأ موعد سجنك الخاص..السجن اليومي الذي يبدأ
كل ليلة عندما تغرب الشمس،وعندما يتوقف الاصحاب عن تقديم عزائهم لك،وعندما تستطيل
الظلال قبل أن تفني.*
منذ فجر التاريخ كان هذا
البلد منشأ ومنبع العديد من العلوم والصناعات لذلك سماها اليونانيون والرومان ب(أم
الدنيا) من الممكن أن يرجع ذلك بالأساس بأن المصريين أول من حدد الإتجاهات الأصلية
الأربعة (الشمال ،والجنوب ،والشرق ،والغرب)، ووفقا للكثير من الروايات التي يقصصها
علينا علماء المصريات – أي متخصصي التاريخ المصري القديم والآثار المصرية القديمة ،وعجب
العجاب أن الأغلب الأعم منهم من غير المصريين أنفسهم ــ يأتون بأن المصريين
القدماء برعوا أكثر ما برعوا من الفنون
والعلوم في ما كان يتعلق بالعدل والطب والبناء وكان الأغلب الأعم من الفراعنة –
الفرعون لقب يطلق علي حاكم مصر القديمة وترجمته من المصرية القديمة بمعني بيت
الرب او حافظ الرب – لديهم قناعة تامة بأن
مدة حكم الواحد منهم ستتراوح ما بين 10:20 سنة هذا إن قدر له أن تكون أوضاع البلاد
مستقرة وان يكون مقربا لقلوب الرعية ،لذلك كان اول ما يبدأ الفرعون فترته لتثبيت
حكمه بين المصريين هو أن يوكل لأقرب مستشاريه مسئولية الإشراف والعمل علي بناء
مقبرة الفرعون والتي كانت عبارة عن حجرة دفن للفرعون وحجرة أخري تضم مقتنياته في
منشاة تشبه إلي حد كبير المصطبة – لم تعرف مصر والعالم حسب التواريخ المؤرخة البناء
الهرمي التذكاري قبل بناء هرم الفرعون زوسر المدرج الاسرة الثالثة 2737:2717ق.م
والذي أشرف علي بناءه العبقري إيموحتب – وكان لبناء مقبرة الفرعون أهمية خاصة ان
يتم الإنتهاء منها قبل وفاة الفرعون نفسه حيث أنها بوابة الإنتقال للعالم الاخر
ووجود المقبرة في أحسن صورة يساعد الفرعون في العالم الآخر ،و لم يكن يأمن أي من
الفراعنة ان يأت اي حاكم من بعده ويستكمل له مقبرته،ولكي يتم بناء المقبرة كان
هناك ما يشبه الديوان الخاص بها في المملكة وتصرف للقائمين عليها كل ما يحتاجون له
من اموال وموارد بل ولن ابالغ ان قلت تأمين صحي – اكتشف عالم المصريات زاهي حواس
منذ عهد ليس ببعيد مدينة العمال بالقرب من الهرم الأكبر ووجد من ضمن محتويات
المدينة بعض المنشأت العلاجية وبعض المقابر التي دلت بالاساس علي حدوث العديد من
العمليات الجراحية المتقدمة جدا بالنسبة للفترة التي بنى فيها الهرم الأكبر 2700
ق.م -.
إنتهت نبذتنا المختصرة عن
الإيمان بالعمل وبأنه لن يكون هناك من يكمل لك عملك بعد مماتك!!
أما عن التعاون والإهتمام
بالعظمة والإتقان فقد كان المصريون علي مر العصور المصرية القديمة خلال حقبها
المختلفة يجودون في العمل حينا بعد حين وذلك مصداقا لإيمانهم الكامل بمعتقداتهم
وبان المصري القديم – اي مصري حتي الفرعون
نفسه ــ لن ينال الحياة الآخري ونعيمها الا إن أحسن العمل في هذة الحياة كان من
ضمن معتقدات المصريين ان الواحد منهم سيتم سؤاله 48 سؤال بعد وفاته ويجب ان تكون
كل إجاباته ب (لا) كان من ضمنها اسئلة عن النظافة والإتقان والنيل أما عن المصريين
الآن فأهم معتقدات الاغلب الاعم ــ ويرجع ذلك لإنتشار الامية والظلم ــ
"خربانة خربانة،فيه حد غيري هيجي ينضف"
وتناسوا –المسلمين منهم ــ
قوله تعالى{وَقُلِ
اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}
[التوبة:105]
أما عن الإيمان بالمشروع وصدق النية والعزيمة فهناك أكبر المعابد علي وجه الأرض معبد الكرنك
والذي يقع في جنوب مصر في الأقصر حيث تصل مساحته إلي 2 كيلو متر مربع وتم بناءه علي
مدي الف عام وشارك في بناءه أكثر من 30 فرعونا لمصر تصور 1000 سنة و30 فرعون!!
كلما يأتي أحدهم ويبني مرحلة ليخلد اسمه في خدمة الرب
–المقصد هنا الاله المعبود وقتها – ياتي بعده فرعون آخر ليبني مرحلة أخري او يصلح
جزء متهدم او يعيد إنشأ جزء ما من ابرع الأمثلة علي ذلك ما فعله كل من سيتي الاول
أحد فراعنة الاسرة 19 حينما استكمل قاعة بهو الاعمدة في معبد الكرنك وجاء من بعده
ابنه رمسيس الثاني ليستكمل له طلائها وتزيينها،ثم جاء مرة أخري ليستكمل له مسلته
الموجودة الان في روما.
لن تجد يا عزيزى بين المصريين القدماء من هدم منشأة او
شرد شعبا فمن الحوادث القليلة التي يمكن إعتبارها تخريب نوعا ما هو ما قام به
تحتمس الثالث –بونابرت مصر – حين قام بإزالة اسم زوج ابيه الملكة حتشبسوت من علي
كل الاثار التى تخصها وذلك لغرض او خصام كان بينهما وخاصة من علي معبدها الجنائزي
في الدير البحري .
بيت القصيد هنا ان الكل كان يبني لا أحد يهدم فالكل
يعمل لأجل رفعة شأنه كحاكم للمصريين ولكي يرتفع شأنه فيجب ان يرفع من شأن رعيته
هذا ما كان عند الاجداد،وبتقدم الوقت والحال يتغير العباد....تقع مصر تحت حقب
مختلفة من الإحتلال حتي يأتى الفتح العربي ومن بعده يتحول الكثير من المصريين
للاسلام وتقوم مصر مقام حام حمي الإسلام
في دفاعها –بقيادات غير مصرية اكراد،مماليك،أتراك،جراكسة ــ عن الاسلام والمسلمين
في عهود مختلفة حتي أتى عهد محمد علي وبناء مصر الحديثة فثورة يوليو.
كانت ثورة يوليو انقلابا عسكريا تحول بعد امد لثورة
يؤازرها ويدعمها الشعب المصري برغم ما كان بها من مساؤي كالقضاء علي الإقطاع
المتمثل في عدد س من الإقطاعيين ليستبدل بعدد 30 س من الإقطاعيين الجدد المتمثليين
في الضباط الذين وزعت بينهم إدارة املاك الدولة،فيأتي عبدالناصر ويبدأ البناء
والتطوير حتي وصل معدل النمو الاقتصادي لمصر ل7% وهو ما يماثل الدول المتقدمة
ولكنه أخطا بإهتمامه بالمؤسسة علي حساب الفرد فتنهار المؤسسة بعد وفاته ولا يوجد
فرد ولم يهتم أحد من اللاحقين به بإصلاح المؤسسات والفرد بل تم البيع بالتجزئة
احيانا او بالجملة أحيانا أخري لم يساهم السادات او مبارك في تنمية هذة الاشياء او
حتي محاولة تنمية الفرد فنشا لدينا إنسان الفول او كما يطلق علينا في بعض الدول
العربية "الفوالة"- وهذا لاكلنا الكثير من الفول –
تري ما كان سيكون مصيرنا لو بني واستكمل كل من الثلاثة
ما بدأه صاحبه ولم يمحوه بالممحاة؟!
ام ان الحل السحري والسهل لكل واحد منهم كدس عدد
الجهلاء أكثر واشغلهم بالأكل والجنس لكي يظلوا بعيدين كل البعد عن سياسة الدولة
وشئونها!!
*من رواية (السنجة) للدكتور أحمد خالد توفيق