مرض السکر
عرفه القدماء المصريون ولا حظوا وجود مادة سكرية في البول
أبن سينا اكتشفه وذكره في كتابه"القانون في الطب"ووصف علاجه بالأعشاب
أ.د/توفيق محمد قاسم
معهد بحوث البترول
الحلقة الأولي
عرف مرض السكر-وهو عدم قدرة أنسجة وخلايا الجسم علي إستخدام سكر الجلوكوز الموجود بالدم بالصورة الكافية والمناسبة-منذ قديم الزمان حيث عرفه المصريون القدماء ولاحظوا العلاقة بين الإصابة بمرض السكر ووجود مادة سكرية في البول مع الزيادة في الوزن وكذلك الأغريق حيث ذكر في مؤلفات"جالينوس"وأيضا العرب وخاصة العالم العربي "ابن سينا"حيث ألف كتابه"القانون في الطب"وذكر فيه بعض المضاعفات الخاصة بمرض السكر وخاصة الأمراض الجلدية مع حدوث الغرغرينا في الأطراف.
إضافة إلي ذلك فقد وصف الأعشاب لعلاجه مثل الدمسيسة حيث لا تزال تستخدم كعلاج للمرض.
وفي عام 1869م تمكن عالم الباثولوجيا الألماني "بول لانجر هانز" من إكتشاف وجود أجسام غريبة بالبنكرياس عرفت فيما بعد باسمه"جزر لانجر هانز" وهي المسئولة عن إفراز هرمون الأنسولين.
وفي عام1889م قام العالمان الألمانيان"فون ميرنج ومنكوفسكي"بدراسة عن الآثار الناتجة عن استئصال البنكرياس في الحيوانات حيث وجدا ظهور مرض السكر وأن السبب في ذلك هو البنكرياس.
وفي عام1921م أمكن عزل هرمون الآنسولين بواسطة الهالمان "بست و بانتنج" وذك في جامعة تورونتو بولاية اونتاريو بكندا ..ومنذ ذلك الوقت بدأ إستخدام الآنسولين لعلاج مرض السكر والوقاية من المضاعفات.
هرمون الآنسولين يفرز من خلايا في البنكرياس -تعرف باسم مكتشفها وهو العالم الألماني "لانجر هانز"
كما سبق وذكرنا-حيث يتم الإفراز في الدم عند وجود إرتفاع مفاجئ للسكر..وبمرور الوقت وإكتشاف التركيب الكيميائي لهرمون الآنسولين ومعرفة الفروق بين الآنسولين الإنساني والحيواني أمكن تصنيع العقاقير التي تؤخذ عن طريق الفم حيث تنشط خروج الآنسولين المخزن في بنكرياس المريض..ومن المعروف أن مرض السكر ليس نوعاً واحداً بل يوجد علي أشكال مختلفة وبالتالي أصبح العلاج مختلفا بين مريض وآخر وفقاً للسن والنشاط البدني والظروف المعيشية الآخري.
ما هو مرض السكر؟
مرض السكر هو من الأمراض المزمنة والذي يصيب الكثير من الأفراد في معظم بلدان العالم..وهذا المريض يظهر في أية مرحلة من مراحل العمر إلا أنه يكون شديداً في المرحلة المبكرة من العمر وخفيفاً في الشخص المتقدم في العمر..وفي مرض السكر تنعدم أو تقل قدرة الجسم علي إفراز هرمون الآنسولين أو تقل قدرة الجسم علي الإستفادة من هذا الهرمون حيث يؤدي ذلك إلي الخلل في التمثيل الغذائي للمواد النشوية والدهنية والبرويتينية..ومن هنا الإرتفاع في نسبة السكر في الدم مع ظهوره أيضا في البول..ومن المفيد أن نذكر أن الإنسان عند تناوله المواد النشوية والسكرية في غذائه فإنها تتحلل بفعل الآنزيمات إلي سكريات بسيطة مثل الجلوكوز والتي يمكن إمتصاصها من المعاء وتصل إلي الدم وتمر علي الكبد ثم تظل في الدم بعد ذلك لكي تستعملها الخلايا في الأنسجة والأعضاء المختلفة للحصول علي الطاقة اللازمة للجسم..وبعد تناول الإنسان لغذائه تزداد نسبة السكر في الدم وهذا يؤدي إلي إفراز غدة البنكرياس لهرمون الآنسولين حيث يتبع ذلك دخول سكر الجلوكوز إلي خلايا الجسم مما يؤدي إلي إنخفاض مستوي السكر في الدم.
وفي حالة تناول الإنسان طعاماً كثيراً يزيد عن حاته فإن خلايا الجسم تأخذ ما تحتاجه من سكر الجلوكوز كما ذكرنا من قبل والكمية الزائدة من السكر يتم تخزينها في الكبد علي هيئة جليكوجين حيث يتم تحويله مرة أخري إلي سكر جلوكوز عند نقصه في الدم..وما يزيد من الجلوكوز يتم تخزينه علي هيئة مواد دهنية تحت الجلد وأيضا في اماكن اخري من الجسم.
ويصاب الإنسان بمرض السكر عندما يحدث نقص كمي أوكيفي في إفراز البنكرياس لهرمون الانسولين وذلك بسبب يصيب غدة البنكرياس أو أستئصال جزء من البنكرياس أو كله كما يحدث مثلاً عند إصابته بالسرطان..ونتيجة لذلك فإن الجلوكوز في دم الإنسان لا يدخل إلي خلايا الجسم حيث يظل بمستوي السكر في الدم مرتفعا..وعندما تصل نسبة السكر إلي مستوي أعلي من قدرة الكليتين علي إعادة إمتصاص السكر من البول إلي الدم فإنه عادة ما ينزل في البول حيث يظهر تبعا لذلك السكر في البول..ومع زيادة كمية البول تقل كمية السوائل في الجسم مما يؤدي إلي شعور مريض السكر بالعطش لتعويض السوائل المفقودة.
ونتيجة لعدم دخول سكر الجلوكوز في خلايا الجسم في حالة نقص هرمون الآنسولين كما أوضحنا فيما سبق فإن هذة الخلايا تصبح صائمة مما يؤدي إلي شعور المريض بالجوع حيث يأكب أكثر وتزيد تبعاً لذلك نسبة السكر في الدم وهلم جرا حيث يشعر المريض بالعطش والجوع وكذلك الزيادة في كمية البول.
وفي مرحلة متقدمة من الإصابة بمرض السكر وخاصة عندما يهمل المريض في العلاج فإن الجسم يلجأ إلي استهلاك المواد الدهنية للحصول علي الطاقة اللازمة له.. ونتيجة لذلك تزداد نسبة المواد الكيتونية في الدم والتي إذا زادت عن قدرة الكبد استهلاكها فإن الزيادة تظهر في البول علي صورة اسيتون..وعند زيادة المواد الكيتونية في الدم تزداد تبعا الحموضة في الدم والتي قد تؤدي إلي الغيبوبة السكرية الكيتونية وهي إحدي المضاعفات الخطيرة لمرض السكر..وفي النهاية يجب علي مريض السكر إتباع تعليمات الأطباء المعالجين له من حيث كمية الغذاء ونوعيته وكذلك العقاقير المناسبة له
إضافة إلي النشاط الحركي من التمرينات الرياضية والمشي وخلافه.
وأخيراً المتابعة الذاتية اليومية لمستوي السكر في الدم وذلك حفاظا علي صحته من إصابته بالمضاعفات الخطيرة لهذا المرض.
أسباب المرض
هناك عدة عوامل مختلفة تؤدي إلي الإصابة بمرض السكر لذلك فمازال العلماء يعكفون في معاملهم للوصول إلي المزيد من المعلومات في هذا الشأن ولكن هناك بعض العوامل التي لها علاقة وثيقة بظهور مرض السكر وهذة العوامل تشتمل علي التالي:ــ
1)الوراثة:من الثابت علمياً أن عامل الوراثة يلعب دوراص هاماً في الإصابة بمرض السكر وخاصة بين الأفراد البالغين
أو متوسطي العمر..بينما يقل العامل الوراثي في الإصابة بالمرض في السن المبكرة..كما أن إصابة احد الوالدين أو كليهما بالسكر يزيد من إحتمال إصابة أولادهما بالمرض..كذلك فإنه يوجد عائلات ينتشر مرض السكر بين أفرادها مما يؤكد بوجود العامل الوراثي لحدوث الإصابة بالمرض..ونذكر في هذا الصدد أن منظمة الصحة العالمية توصي بعدم التزاوج بين شخصين مصابين بمرض السكر..وحيث أنه لايوجد سبب للإصابة بمرض السكر فمن الصعب أن نطبق قوانين الوراثة المعروفةعلي هذا المرض إل في بعض الحالات فقط.
2)عمر المريض:من المعروف ظهور مرض مرض السكر علي المريض في أية مرحلة من العمر..وهو نادرا ما يحدث في مرحلة الطفولة وتزداد سريعاً بعد سن الأربعين.
3)نوع الجنس:لوحظ في الكثير من بلاد العالم إزدياد نسبة الإصابة بالمرض بين الإناث أكثر منها بين الذكور وخاصة بين متوسطي العمر وأيضا بين المسنين.
4)زيادة الوزن:هناك علاقة وثيقة بين الزيادة في الوزن والإصابة بمرض السكر ولكن ليس معني ذلك أن كل إنسان مصاب بالسمنة لابد وان يصاب بمرض السكر..وبالرغم من أن الزيادة في الوزن قد تؤدي إلي إجهاد غدة البنكرياس الإ أن هناك بعض العوامل الاخري والتي تؤدي إلي فشل غدة البنكرياس في إفراز هرمون الأنسولين ..ومن أهم هذة العوامل هو الإستعداد الوراثي لدي الشخص البدين.
وعلاج مرض السكر لدي الذين تزيد أوزانهم علي المعدل الطبيعي يكون بإتباع نظام غذائي قليل السعرات الحرارية وذلك بعدم الإفراط في تناول المواد الدهنية والنشوية مما يؤدي إلي خفض اوزانهم إلي المعدلات الطبيعية حيث تتحسن حالتهم تحسنا واضحا وذلك بدون علاج هؤلاء المرضي بالآنسولين أو الحبوب.
5)أمراض الغدد الاخري بالجسم:من المعروف أن هناك علاقة وثيقة بين غدة البنكرياس وبين بعض الغدد الصماء الاخري مثل الغدة الدرقية أو الغدة النخامية أو الغدة فوق الكلوية فزيادة إفراز هرمون النمو في الغدة النخامية أو هرمون الادريننالين والكورتيزون في الغدة فوق الكلوية يتبعه إرتفاع في نسبة السكرفي الدم.
6)الإصابة ببعض الفيروسات: لوحظ وجود علاقة بين إصابة الإنسان ببعض الأمراض الفيروسية مثل إلتهاب الغدة النكفيةأو بعض الحميات كالتيفود وإصابته بمرض السكر وذلك نتيجة لتحطيم خلايا جزر لانجر هانز والتي تفرز هرمون الآنسولين من البنكرياس كما لوحظ كذلك إزدياد الإصابة بمرض السكر وخاصة بين صغار السن في فصل الشتاء الأمر الذي يشير إلي العلاقة بين الإصابة بالمرض وبعض الفيروسات والتي تكثر في فصل الشتاء مثل فيرو الآنفلونزا وفيروس الحمي النكفية.
7)النقص في الجهاز المناعي:من المعروف أن النقص في الجهاز المناعي للإنسان يؤدي إلي إصابته بالعديد من الأمراض مثل مرض الروماتويد وبعض أمراض الكلي والعين وأبضا مرض السكر..والنقص في الجهاز المناعي يؤدي بدوره إلي الإصابة المبكرة بمرض السكر وذلك نتيجة تحطيم خلايا لانجر هانز الموجودة في غدة البنكرياس والتي تفرز هرمون الآنسولين.
8)الإستعمال الخاطئ لبعض الأدوية:لوحظ عند الإستعمال الخاطئ لبعض الأدوية وفي غياب الإشراف لبعض أنواع العقاقير أن يؤدي ذلك إلي الإصابة بمرض السكر..ومن هذة العقاقير نذكر الكورتيزون وبعض أنواع العقاقير المدرة للبول وأيضاً بعض أقراص منع الحمل.
9)الضغوط النفسية والجسمانية:قد يصاب الإنسان بمرض السكر عند تعرضه لإزمة نفسية شديدة وذلك علي أثر تعرضه لحادث جسيم أو في أعقاب خسارة مالية فادحة أو فقده لشخص عزيز له أو إصابته بمرض خطير وخلافه
وليس معني ذلك أن كل إنسان يتعرض لهذة الضغوط النفسية أو بعضها يكون مرشحاً للإصابة بمرض السكر ولكن الأصوب في هذة الحالات أن نقول ان المرض يظهر فقد في الأشخاص الذين لديهم الإستعداد للإصابة بالمرض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق